أساليب مبتكرة لإشراك القطاع الخاص لإمداد الكهرباء في اليمن
أثرت الهشاشة والمالية العامة الضعيفة للدولة على خدمات الكهرباء في اليمن. يستكشف تقرير جديد لمركز النمو الدولي، تم إعداده بالتعاون مع الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم تنفيذ سياسات الإصلاحات، نماذج مبتكرة لزيادة مشاركة القطاع الخاص في أنشطة توزيع الكهرباء.
لقد أثرت الحرب بشكل سلبي على المالية العامة في اليمن وجعلت الموارد المتاحة للاستثمار في تحسين البنية التحتية لتوليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها محدودة للغاية. ومن الصعب أيضًا على الحكومة المعترف بها دوليًا رفع تعريفة الكهرباء لتصبح مساوية لتكلفة الإمداد في الوضع الاقتصادي الحالي الذي تعاني منه البلد. وقد أدى الوضع الأمني الهش، وعدم اليقين التنظيمي، وخسائر الكهرباء (~40٪)، ومعدلات التحصيل المنخفضة (~50٪)، وعدم توفر ضمانات للمستثمرين، وكذلك تعريفة الكهرباء المدعومة المطبقة حاليًا في المناطق التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا، إلى تثبيط استثمارات القطاع الخاص في قطاع الكهرباء اليمني خاصة في أنشطة توزيع الكهرباء.
مشاركة القطاع الخاص في قطاع الكهرباء عادًة ما تكون في توليد الكهرباء
يشارك القطاع الخاص بشكل كبير في توفير الكهرباء في العديد من البلدان النامية. وفي معظم الحالات، يتم ذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص في توليد الكهرباء، وبشكل رئيسي من خلال العمل كمنتجي طاقة مستقلين بحيث ينتجون الكهرباء ويبيعونها إلى جهة مملوكة للحكومة بموجب اتفاقية شراء الطاقة. لقد نجح هذا النموذج في توسيع الاستثمارات في التوليد، ولكنه يعتمد على قدرة الجهة التي تقوم بشراء الكهرباء على الوفاء بدفع التكاليف بموجب شروط اتفاقية شراء الطاقة. وغالبًا ما تكون الصفقات ناجحة فقط عندما يتم تقديم ضمان سيادي صريح من قبل الحكومة لضمان الالتزام باتفاقية شراء الطاقة. ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون هذا النهج قابلًا للتطبيق نظرًا للوضع الاقتصادي الحالي في اليمن.
يُعد تحديد نموذج قابل للتمويل لإشراك القطاع الخاص في توزيع الكهرباء أمرًا مهمًا ويمكن أن يدر عوائد من خلال البيع المباشرة للعملاء، مما يغني الحكومة عن الحاجة إلى توفير مصدرًا مضمونًا للتمويل. هناك عدة طرق يمكن أن يشارك بها القطاع الخاص في توزيع الكهرباء بما في ذلك عقود الإدارة، وعقود خدمات التوزيع، وامتيازات التوزيع، والعقود الثنائية، وامتيازات المرافق. لكل من هذه الأساليب مجموعتها الخاصة من المزايا والعيوب. في السياق اليمني، من الممكن أن يكون امتيازات المرافق نهجًا فعالًا ويجب تجربته في مدينة أو منطقة معينة لتقييم مدى ملاءمته.
متطلبات تطبيق نموذج امتيازات المرافق
في السياق اليمني، هناك العديد من العوامل التي لها تأثير كبير على تصميم نظام العمل الخاص بامتيازات المرافق والتي يجب أخذها بالاعتبار أثناء التخطيط لنموذج ناجح لمشاركة القطاع الخاص في أنشطة توزيع الكهرباء كما يلي:
1. الأمن
لن تكون أي شركة خاصة على استعداد للاستثمار في التوزيع دون دعم سياسي لضمان الأمن في المنطقة. من الضروري لأي إصلاح محلي أن يحظى بدعم كل من السلطات الفعلية والسلطات الرسمية في المنطقة.
2. اللوائح التنظيمية
نظرًا لأن تغيير التشريعات واللوائح أمر معقد ويستغرق وقتًا طويلاً، فقد يكون من الأفضل التفكير في التنظيم عن طريق العقود، على الأقل في المقام الأول. دون الحاجة لسن قوانين جديدة، ولكن يجب أن تكون هناك وسيلة لتنفيذ العقد.
3. دور المؤسسة العامة للكهرباء
إن الوضع المهيمن للمركز ومعرفته السياقية العميقة بالقطاع يعني أن الإصلاحات يجب أن تكون مكملة لعمل المؤسسة العامة للكهرباء وأن تفيدها كمؤسسة، ومن غير المرجح أن تنجح الإصلاحات التي لا تتوافق مع مصالحها.
4. التعريفة
لن تتحقق الجدوى التجارية للنظام إلا إذا كان من الممكن إصلاح تعريفة الكهرباء، على الأقل بالنظر في امكانية التمييز بين العملاء المستعدين لدفع تعريفة أعلى مقابل خدمة محسنة بشكل كبير وفرض رسوم عليهم بشكل مختلف عن عملاء آخرين.
تقييم جدوى النموذج في موقع تجريبي
من الضروري تقييم جدوى عقود الامتيازات في موقع تجريبي. يعد إجراء مشروع تجريبي في منطقة محددة بوضوح أمرًا مهمًا خاصة في الأوضاع التي تتسم بمستويات عالية من عدم اليقين، كما هو الحال في اليمن. يمكن أن تكون هناك مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تجعل تنفيذ أي نموذج لتوفير الكهرباء أكثر (أو أقل) صعوبة، ولا يمكن التنبؤ بها مسبقًا.
هناك معيارين رئيسيين لاختيار منطقة تجريبية:
- يجب أن تتمتع المنطقة المختارة بأمن جيد، سواء من حيث الأمن المادي (أي عدم الصراع وتطبيق سيادة القانون) والأمن السياسي، بمعنى أن القيادة السياسية للمنطقة يجب أن تكون مستقرة بشكل معقول بحيث يتم تنفيذ القرارات التي تتخذها الحكومة المحلية.
- من المهم أن يكون للمنطقة المختارة للتجربة قيادة سياسية مستعدة للتجربة والابتكار وحل المشكلات عند ظهورها. ولكي تكون التجربة ناجحة، يجب أن يكون لدى الحكومة المحلية إحساس قوي بملكية البرنامج التجريبي والرغبة في بذل أي جهد مطلوب للحفاظ على نجاحه.
إذا كان من الممكن تحديد منطقة تستوفي هذه المعايير، فيجب اتخاذ خمس خطوات عملية لتنفيذ برنامج تجريبي، كما هو مبين في الشكل 1.
شكل رقم (1): خطوات تنفيذ البرنامج التجريبي
* يوضح الشكل خمس خطوات عملية رئيسية يجب اتخاذها لزيادة احتمالية نجاح برنامج التجريبي لمشاركة القطاع الخاص في قطاع توزيع الكهرباء في اليمن.
توصيات السياسة
يمكن أن يكون امتياز المرافق نهجًا فعالًا في اليمن لإشراك القطاع الخاص في توزيع الكهرباء ويجب تجربته في منطقة محددة أولاً لتقييم مدى ملاءمته. إذا كان مثل هذا الامتياز ناجحًا، فسوف يتطلب إطارًا تنظيميًا قويًا قابلًا للتنفيذ، وتعاونًا، ومرونة، ودعمًا سياسيًا قويًا من الحكومة المركزية، وكذلك من القيادة السياسية في المنطقة التجريبية. التوصيات الرئيسية لكيفية المتابعة هي:
1. توصيل الفكرة والاتفاق على النهج
إدخال القطاع الخاص في التوزيع هو مفهوم ونهج جديدان لليمن، ومن المهم أن يتم شرح الفكرة جيدًا ومناقشتها بشكل كافي بين جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك الجهات الفاعلة الإقليمية، لكي لا يكون هناك أي قرار مفاجئ. إذا كان هناك شعور بأن مشاركة القطاع الخاص في توزيع الكهرباء هو نهج مناسب للتجريب، فيجب أن يكون هذا القرار رسميًا ويتم اتخاذه على أعلى مستوى، لكي لا يكون هناك غموض.
2. تحديد المواقع المحتملة للتجريب واختيار أنسبها
تتطلب المواقع المناسبة لتجربة النهج دعم السلطات السياسية الرسمية وغير الرسمية في المنطقة المختارة. ولتحديد أنسب المواقع يجب على الحكومة الدخول في مناقشات مع المناطق المحتملة، وتقييم مدى ملاءمتها من منظور سياسي وفني، والاتفاق على خيار نهائي مع المنطقة المختارة.
3. الاستعداد لتنفيذ المشروع التجريبي
يتضمن التحضير لإجراء امتياز تجريبي الخطوات التالية: التقييمات الأساسية، وإعداد نشرة الإصدار، والمشتريات، وتحليل العطاءات، والتفاوض على العقد. يمكن أن تبدأ هذه الخطوات بعد اختيار المنطقة التجريبية والاتفاق عليها. كما يمكن أيضًا دعوة المانحين لدعم هذه العملية.
4. دراسة نماذج امتيازات الشبكات الصغيرة للمناطق خارج الشبكة
يٌعد النموذج الذي تم مناقشته أعلاه مناسب لمنح عقود امتيازات في المنطقة الحضرية، ولكن كون العديد من اليمنيين يعيشون بعيدًا عن الشبكة ولن يستفيدوا من هذا النهج في المناطق خارج الشبكة. يعد النهج الحالي لكهربة المرافق العامة الرئيسية بدعم من المانحين نهجًا جيدًا. ومع ذلك، سيكون من المفيد إجراء مزيد من البحث لدراسة جدوى امتيازات الشبكات الصغيرة في المناطق خارج الشبكة لاستكشاف ما إذا كان وصول القطاع الخاص يمكن أن يساهم في كهربة هذه المناطق أيضًا.
المراجع
أكرم المحمدي، نيل ماكلوك، جوفاس أساري، موسى صعب. (2021). تحسين خدمات الكهرباء في اليمن. مركز النمو الدولي.