This page is also available in English

A woman stands behind a sitting man next to a cistern and a mural on a temporary shelter showing a dripping tap with a caption reading in Arabic "Water = Life", at the Zaatari refugee camp in northern Jordan.

كيف يمكن للدين أن يشجع النساء على الحفاظ على المياه في الأردن؟

Blog Women's Economic Empowerment, Sustainable Growth and Inclusive Growth

يمكن أن يكون الدين محفزاً لتشكيل جهود الحفاظ على المياه التي تقودها النساء في الأردن. تُظهِر دراسة جديدة كيف يمكن للرسائل الدينية الموجهة من قبل الزعماء المسلمين أن تؤثر على المعتقدات الدينية للنساء وتشجع ممارسات الاقتصاد في استهلاك المياه.

تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شح المياه الأسوأ في العالم، حيث من المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من المياه المتوفرة بنسبة 50٪ بحلول عام 2050. يمكن أن يؤدي تفاقم انعدام الأمن المائي هذا إلى عواقب اجتماعية واقتصادية وجيوسياسية سلبية، بما في ذلك الخسائر الاقتصادية والقلاقل الاجتماعية والنزاعات وموجات جديدة من النزوح، مما يؤدي إلى مفاقمة التحديات القائمة.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يواجه الأردن، ثاني أكثر بلدان العالم شحاً في المياه، أزمة مياه متفاقمة. أدت عدة عوامل مثل تغير المناخ، وارتفاع الطلب مدفوعاً بالنمو السكاني (خاصة اللاجئين)، والتوترات الجيوسياسية، وعدم كفاية جهود السياسة العامة، إلى خفض نصيب الفرد السنوي من المياه إلى 90.5 متر مكعب، وهو أقل بكثير من "عتبة شح المياه المطلقة" التي حددتها الأمم المتحدة عند 500 متر مكعب.

شكل رقم 1: الإجهاد المائي المتوقع في عام 2040 في جميع أنحاء العالم

Figure 1 - Projected water stress in 2040 across the world

ملاحظة: تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شح المياه الأسوأ في العالم، والأردن هو ثاني أكثر بلدان العالم شحاً في المياه. المصدر: معهد الموارد العالمية

تتطلب معالجة أزمة المياه في الأردن تغييرات سلوكية عاجلة في أوساط مواطنيها، وخاصة النساء

يُعد شح المياه في الأردن مشكلة محلية إلى حد كبير، حيث يشكل الاستخدام المنزلي 45٪ من إجمالي الاستهلاك. تتم تلبية طلب السكان على المياه عن طريق الإفراط في ضخ المياه الجوفية، التي يتم استخدامها بمقدار ضعف سرعة إعادة تجديدها. الأمر المثير للاهتمام هو أن الاستخدام المفرط للمياه المنزلية لا ينجم عن قلة الوعي بل عن عدم اتخاذ إجراءات. في الواقع، يدرك 84٪ من المواطنين النقص الحاد في المياه، في حين أن 72٪ منهم على دراية بطرق توفير المياه الفعالة من حيث التكلفة. مع ذلك، فإن حمل المواطنين على الاقتصاد في استهلاك المياه يمثل تحدياً، إذ أن الحفاظ على المياه يحتل المرتبة الأخيرة في قائمة أولويات الإنفاق الحكومي لدى الأردنيين، وتعتمد ممارسات الاقتصاد في استهلاك المياه على إجراءات روتينية قائمة منذ أمد بعيد وليس إجراءات مستجيبة.

من الضروري اتباع نُهُج مبتكرة لسد هذه الفجوة بين المعرفة والفعل ودفع التغيير السلوكي على مستوى الأسرة. وبما أن النساء هن من تقع عليهن في المقام الأول المسؤولية عن إدارة المياه المنزلية والمهام اليومية المتصلة بالمياه، فإن استهدافهن في التدخلات المتعلقة بالمياه أمر بالغ الأهمية.

هل يمكن للرسائل الدينية أن تشجع النساء على تبني سلوكيات الاقتصاد في استهلاك المياه؟

يكرس الإسلام مكانة خاصة للمياه، مشدداً على الحفاظ على المياه كمبدأ أساسي للممارسة الدينية. الجدير بالذكر أن 97.1٪ من الشعب الأردني مسلمون، وحوالي 40٪ يحضرون دروس المساجد التي تلقيها واعظات. تتمتع الشخصيات الدينية النسائية الموثوقة التي تحظى بامتياز الوصول إلى النساء بفرصة فريدة لإشراك المرأة في السياسة المائية.

تبحث دراسة أجراها مركز النمو الدولي في إمكانات الرسائل الدينية في تشكيل سلوكيات النساء في الاقتصاد في استهلاك المياه. شملت هذه الدراسة 19 من القيادات الدينية النسائية و 712 امرأة يحضرن دروساً في المسجد. تقيم القيادات الدينية اثنان من الدروس يتم تقديمهما بشكل عشوائي عبر مجموعة المعالجة والمجموعة الضابطة:

  • تتلقى النساء في درس المعالجة (مجموعة المعالجة) رسائل دينية تؤكد على أن الحفاظ على المياه هو تشريع أساسي في الإسلام.
  • تتلقى النساء في درس الضبط (المجموعة الضابطة) رسائل دينية حول موضوع لا علاقة له بالمياه.
  • تتلقى كلتا المجموعتين من النساء معلومات غير دينية وعلمانية من القيادات الدينية عن أزمة المياه في الأردن وعن طرق الاقتصاد في استهلاك المياه.

يبحث هذا التصميم فيما إذا كان محتوى الرسائل الدينية يعزز:

  • السلوك الاجتماعي المتضامن فيما يتعلق بالموارد المائية، ويتم قياسه من خلال التبرعات للجمعيات الخيرية المعنية بالحفاظ على المياه.
  • جهود الحفاظ على المياه، ويتم قياسها عن طريق استهلاك المياه على مستوى الأسرة من خلال فواتير المياه.

تخلص الدراسة إلى أن الرسائل الدينية تزيد من توجهات الاقتصاد في استهلاك المياه بين النساء.

  • النساء في مجموعة المعالجة اللاتي تلقين رسائل دينية تؤكد على الحفاظ على المياه تعطي الأولوية للاقتصاد في استهلاك المياه في التبرعات للجمعيات الخيرية.
  • من المرجح أن تتبرع هؤلاء النسوة بأموال أكثر بنسبة 22٪ للجمعيات الخيرية، ومن المرجح أن يقمن باختيار جمعية خيرية للمياه بنسبة 29٪ أكثر من الجمعيات الخيرية الأخرى مقارنة بالنساء في المجموعة الضابطة اللاتي لم يتلقين رسائل دينية حول الحفاظ على المياه.
  • أيضاً،خفضت أسر النساء في مجموعة المعالجة بشكل كبير استهلاك المياه بمقدار 4.6 متر مكعب بعد ثلاثة أشهر من التدخل – بانخفاض قدره 17٪ مقارنة بالمجموعة الضابطة.

الآثار المترتبة على السياسة

في منطقة تعاني من تزايد شح المياه، يبرز التقاطع بين إدماج المرأة والمبادئ الدينية كمجال واعد للابتكار في السياسة المائية. بناءاً على الأدلة التي تم عرضها هنا، يمكن للأردن وصناع السياسات الآخرين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا النظر في ما يلي:

  1. استهداف النساء في تصميم السياسات لأنهن يشرفن على إدارة المياه المنزلية. في الدراسة، كان انخفاض استهلاك الأسر للمياه ناتجاً عن التعديل الذي طرأ على سلوكيات النساء – مما أفضى إلى تقليل تواتر ومدة المهام كثيفة الاستهلاك للمياه واعتماد أجهزة ذات كفاءة في استهلاك المياه. علاوة على ذلك، ونظراً لأن تأثير المعالجة مدفوع إلى حد كبير من قبل الأسر ذات استخدام المياه الأعلى من المتوسط، فإن استهداف النساء من تلك الأسر هو المفتاح لتوسيع نطاق التدخل.
  2. العمل مع الزعماء الدينيين في تصميم السياسة المائية لما لهم من تأثير على المواطنين. يمكن للجهات الدينية أن تلعب دوراً مهماً في السياقات التي تكون فيها قدرات الدولة منخفضة، التي يكون فيها دعم المؤسسات غير الحكومية حيوياً لنجاح السياسات العامة. في البلدان الإسلامية، يكون هذا النهج أيضاً فعالاً من حيث التكلفة حيث تعتمد البرامج القائمة على المساجد على بنية تحتية موجودة مسبقاً، وتُدَرِس مجموعة من القيم المفهومة جيداً والعريقة، وتعتمد على رجال الدين الذين يحظون بثقة واحترام المجتمع المحلي.
  3. تزويد الزعماء الدينيين بالتدريب على التواصل. تُظهر الدراسة أن نجاح هذا النهج يتأثر بأسلوب الوعظ الذي يتبعه القادة الدينيون. يجب أن تعتمد الرسائل على الحجج الدينية الراسخة للحد من المقاومة المحتملة عند الترويج لممارسات جديدة. المحتوى الذي يتعارض مع الممارسات القديمة ويفتقر إلى أساس في الشريعة الدينية الراسخة، مثل استخدام المياه المعالَجة لجميع الأغراض بما في ذلك الأغراض الدينية، قد يواجه مقاومة، خاصة بين النساء الأكثر تحفظاً. ينبغي أيضاً إيصال الرسائل بأسلوب تدريس يهدف إلى التحفيز بدلاً من إلقاء محاضرات.
  4. تكملة النُهُج التقليدية بتدخلات مبتكرة لتعزيز الأثر. يمكن أن تكون التدخلات في قطاع المياه التي تستفيد من قوة الدين المؤثرة مفيدة بشكل خاص في السياقات التي تواجه فيها النُهُج التقليدية وحدها تحديات، بالتحديد ما يلي:

a) يُعد إصلاح التعرفة أمراً معقداً تاريخياً في الأردن وفي جميع أنحاء المنطقة، حيث يميل المواطنون إلى النظر إلى المياه باعتبارها منفعة عامة ويظهرون رغبة ضعيفة للدفع وضعف الامتثال لفواتير المياه. ينعكس هذا في أسعار الخدمات العامة المنخفضة والمدعومة بشكل كبير وفقاً للمعايير العالمية، حيث يدفع مواطنو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عادة حوالي 35٪ فقط من تكلفة إنتاج المياه.

b) قد لا تكون الحملات الإعلامية كافية لأن وعي الأردنيين بالأزمة والممارسات المستدامة ذات الصلة لا يُترجم دائماً إلى أفعال، كما نوقش أعلاه.

لذلك، يمكن تكملة السياسات التقليدية بتدخلات تستفيد من تشديد الإسلام على الحفاظ على المياه. على سبيل المثال، يعكف مشروع جديد لمركز النمو الدولي على استكشاف ما إذا كانت الرسائل الدينية التي تشدد على القيم الإسلامية المتعلقة بالمياه يمكن أن تحسّن امتثال المواطنين لزيادة التعرفة.

  1. اختبار الدور المؤثر للدين في مجالات أخرى من السياسة العامة. في البلدان التي يلعب فيها الدين دوراً مهماً في قرارات المواطنين، مثل الأردن، فإن استكشاف كيف يمكن للدين أن يستهدف معتقدات المواطنين ويؤثر على سلوكياتهم حول استخدام الكهرباء والصحة وسداد الديون وتصريف النفايات، يمثل مساحة واعدة للابتكار في السياسات والبحوث المستقبلية.